شعراء المعلقات
2014-10-15, 14:25
بسم الله الرحمن الرحيم
في هذا الموضوع سنعرض شعراء المعلقات
منتديات جروح العيون
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 14:31
زهير بن أبي سُلمى المزني (? - 13. هـ / 502 - 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني. وتوفي قبيل بعثة النبي محمد.
نشأته
- هو: زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رياح بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، المزني أو المزيني.[1]
- ولد في بلاد غطفان بنواحي المدينة المنورة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد)،[2] وهو من قبيلة مزينة وكان بنو عبد الله بن غطفان جيرانهم وكذلك بنوة مرة من غطفان. ومن غطفان تزوّج مرّتين. في الأولى تزوّج أم أوفى التي يذكرها في مطلع معلقته:
أمِن أمّ أَوفى دمنةٌ لمْ تكلّم | بحوْمانَةِ الدرّاج فالمتثلّم |
بعد طلاقه أم أوفى بسبب موت أولاده منها، اقترن زهير بكبشة بنت عمّار الغطفانية ورزق منها بولديه الشاعرين كعب وبجير. ولعلّ البارز في سيرة زهير وأخباره تأصّله في الشاعرية: فقد ورث الشعر عن أبيه وخاله وزوج أمه أوس بن حجر. ولزهير أختان هما الخنساء وسلمى وكانتا أيضاً شاعرتين. وأورث زهير شاعريته لابنيه كعب وبجير، والعديد من أحفاده وأبناء حفدته. فمن أحفاده وحفيده عقبة المضرب بن كعب بن زهير وسعيد الشاعران، ومن أبناء الحفدة الشعراء عمرو بن سعيد والعوّام ابنا عقبة المضرّب.
ويطول الكلام في وراثة زهير الشعر وتوريثه إياه. يكفي في هذا المجال الحوار بينه وبين خال أبيه بشامة بن الغدير المري الذي قال حين سأله زهير قسمة من ماله: "يا ابن أختي، لقد قسمت لك أفضل ذلك وأجزله" قال: "ما هو؟"، قال: شعري ورثتنيه". فقال له زهير: "الشعر شيء ما قلته فكيف تعتدّ به عليّ؟"، فقال له بشامة بن الغدير: "ومن أين جئت بهذا الشعر؟ لعلك ترى أنّك جئت به من مزينة؟ وقد علمت العرب أن حصاتها وعين مائها في الشعر لهذا الحيّ من غطفان، ثم لي منهم وقد رويته عنّي".
فإذا تحوّلنا من شاعرية زهير إلى حياته وسيرته فأول ما يطالعنا من أخباره أنه كان من المعمّرين، بلغ في بعض الروايات نحوا من مئة عام. فقد استنتج المؤرخون من شعره الذي قاله في ظروف حرب داحس والغبراء أنه ولد في نحو السنة 530م[محل شك]. أما سنة وفاته فتراوحت بين سنة 611 [محل شك]و 627م [محل شك] أي قبل بعثة النبيّ بقليل من الزمن، وذكرت الكتب أن زهيراً قصّ قبل موته على ذويه رؤيا كان رآها في منامه تنبأ بها بظهور الإسلام وأنه قال لولده: "إني لا اشكّ أنه كائن من خبر السماء بعدي شيء. فإن كان فتمسّكوا به، وسارعوا إليه".
أقوال عنه
- قيل كان ينظم القصيدة في شهر, ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات.
- قال التبريزي، أنه أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء، وإنما اختلف في تقديم أحد الثلاثة على صاحبيه، والآخران هما امرؤ القيس والنابغة الذبياني.
- وقال الذين فضّلوا زهيراً: زهير أشعر أهل الجاهلية، روى هذا الحديث عكرمة عن أبيه جرير. وإلى مثل هذا الرأي ذهب العباس بن الأحنف حين قال، وقد سئل عن أشعر الشعراء. وقد علّل العبّاس ما عناه بقوله: ألقى زهير عن المادحين فضول الكلام كمثل قوله:
فما يَكُ من خيرٍ أتوه فإنّما | توارثه آباء آبائهم قبْل |
- كان عمر بن الخطاب شديد الإعجاب بزهير، أكد هذا ابن عباس إذ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في أول غزوة غزاها فقال لي: أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: "ومن هو يا أمير المؤمنين؟" قال: ابن أبي سُلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبع حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه". وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان، وعبد الملك بن مروان، وآخرون .
- واتفقوا على أنّ زهيراً صاحب "أمدح بيت، وأصدق بيت، وأبين بيت".
فالأمدح قوله:
تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا | كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُهْ |
والأصدق قوله:
ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ | وإنْ خَالَها تَخْفي على الناس تُعْلَمِ |
وأما ما هو أبين فقوله يرسم حدود الحق:
فإنّ الحقّ مقطعُه ثلاثٌ | يمينٌ أو نفارُ أو جلاءُ |
- قال بعضهم معلّقاً: لو أن زهيراً نظر في رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري ما زاد على قوله المشار إليه، ولعلّ محمد بن سلام الجمحي أحاط إحاطة حسنة بخصائص شاعرية زهير حين قال: "من قدّم زهيراً احتجّ بأنه كان أحسنهم شعراً وأبعدهم من سخف، وأجمعهم لكثير من المعاني في قليل من الألفاظ، وأشدّهم مبالغة في المدح، وأكثرهم أمثالاً في شعره".
بعض الآراء في دواوينه
لزهير ديوان شعر عني الأقدمون والمحدثون بشرحه. وأبرز الشّراح الأقدمين الأعلم الشنتمري. وفي طليعة من حقّق ديوان زهير حديثاً المستشرق لندبرغ في ليدن سنة 1881م. ويدور شعر الديوان في مجمله حول المدح والفخر ودور زهير في ظروف حرب السباق، وتتوّج الحكمة هذا الشعر بهالة من الوقار تعهذه الكلمة لا تكتب في منتدانا شخصية الشاعر الحكيم.
وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات وأولوا اهتماماً خاصاً بالتعرف على حياتهم، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن زهير بن أبي سلمى في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: شخصية زهير نقيض لإمرئ القيس وطرفة. كان امرؤ القيس وطرفة رجلين طائشين وحياتهما غير منضبطة، وماتا ميتة عنيفة في عز شبابهما. بينما عاش زهير حياة طويلة ونال احترام الجميع لحكمته وأخلاقه العالية ولم يكن بحاجة للآخرين. عاصر الشاعرين المذكورين في مولده، لكنه قارب أيام ظهور الإسلام. يقال إنه في سن التسعين جاء إلى النبي فاستعاذ منه وقال: "اللهم أعذني من شيطانه" قول قامت عليه تعاليم بعض علماء المسلمين الذين قالوا بفكرة إن الوحي نزل على الرسول بالقرآن، وكذلك كان لكل شعراء الجاهلية شيطاناً يوحي لهم بما يقولون. لا يختلف هذا عن إيمان المسيحيين الأوائل الذين أكدوا على أن أصوات الشياطين كانت تخرج من أفواه كهنة الوثنيين. يضاف أنه بعد نصيحة الرسول لزهير لم ينظم الشعر. ويقال إن الخليفة عمر بن الخطاب قال إن زهير كان شاعر الشعراء.
ذكر ابن العربي إن زهير كان له ابن يدعى سالم، كان في غاية الوسامة حتى إن امرأة عربية قالت عندما رأته قرب نبع ماء على صهوة جواده مرتدياً عباءة مخططة بخطين "لم أر حتى يومنا مثيلاً لهذا الرجل ولا هذه العباءة ولا هذا الجواد". فجأة تعثر الجواد وسقط، فدقت عنقه وعنق راكبه.
وقال عنه ويليام ألهذه الكلمة لا تكتب في منتدانا ندر كلوستون في كتاب من تحريره عن الشعر العربي: "تميز زهير بن أبي سلمى منذ نعومة أظفاره بنبوغه الشعري".
أخبار عنه
من الأخبار المتّصلة بتعمير زهير أن النبي محمد نظر إليه "وله مائة سنة" فقال: اللهم أعذني من شيطانه"، فما لاك بيتاً حتى مات. وأقلّ الدلالات على عمره المديد سأمه تكاليف الحياة، كما ورد في المعلّقة حين قال:
سئمتُ تكاليفَ الحياة، ومَنْ يعِش | ثمانينَ حولاً لا أبا لكَ، يسأَمِ |
والمتعارف عليه من أمر سيرته صدق طويته، وحسن معشره، ودماثة خلقه، وترفعه عن الصغائر، وأنه كان عفيف النفس، مؤمناً بيوم الحساب، يخاف لذلك عواقب الشرّ. ولعلّ هذه الأخلاق السامية هي التي طبعت شعره بطابع الحكمة والرصانة، فهو أحد الشعراء الذين نتلمس سريرتهم في شعرهم، ونرى في شعرهم ما انطوت عليه ذواتهم وحناياهم من السجايا والطبائع. وأكثر الباحثين يستمدّ من خبر زهير في مدح هرم بن سنان المري الغطفاني البيّنة التي تبرز بجلاء هذه الشخصية التي شرفتها السماحة والأنفة وزيّنها حبّ الحق والسّداد فقد درج زهير على مدح هرم بن سنان المري الغطفاني و الحارث بن عوف الذبياني الغطفاني لمأثرتهما في السعي إلى إصلاح ذات البين بين عبس وذبيان بعدحرب داحس والغبراء التي استمرّت طويلاً بينهما.
وكان هذان السيّدان من أشراف بني ذبيان قد أديا من مالهما الخاص ديّات القتلى من الفريقين، وقد بلغت بتقدير بعضهم ثلاثة آلاف بعير. قيل إن هرماً حلف بعد أن مدحه زهير أن لا يكف عن عطائه، فكان إذا سأله أعطاه، وإذا سلّم عليه أعطاه. وداخل زهير الاستحياء، وأبت نفسه أن يمعن في قبول هبات ممدوحه، فبات حين يراه في جمع من القوم يقول "عموا صباحاً غير هرم، وخيركم استثنيت".
ذكر أن ابن الخطاب قال لواحد من أولاد هرم: "أنشدني بعض مدح زهير أباك"، فأنشده، فقال الخليفة: "إنه كان ليحسن فيكم القول"، فقال: "ونحن والله كنّا نحسن له العطاء"، فقال عمر بن الخطاب: "قد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم". حيث خلد هرم بن سنان بفضل مديح زهير الصادق ومنه قوله:
منْ يلقَ يوماً على عِلاّته هرماً | يلقَ السماحةَ منه والنّدى خلقَا |
قصة المعلقة
نظم زهير معلقته لما آلت إليه حرب داحس والغبراء، وذلك في مديح الحارث بن عوف الذبياني الغطفاني وهرم بن سنان المري الغطفاني صانعي السلام.
كانت أم أوفى التي ذكرها في مطلع المعلقة زوجة زهير الأولى التي طلقها بسبب غيرتها وندم لاحقاً على فعلته. مات كل الأبناء التي أنجبتهم صغار السن. أنجبت زوجته الثانية ولدين: كعب وهو الصحابي من نظم قصيدة البردة الشهيرة والمعروفة في الشرق بمطلع " بانت سعاد فقلبي اليوم متبول" وألقاها في حضرة النبي محمد (630 ميلادية) عندما دخل الإسلام، والابن الثاني بجير وكان من أوائل من دخل الإسلام.
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 14:35
امرؤ القيس
نشأته
- مقالة مفصلة: مملكة كندة
ولد في بطن عاقل في نجد ونشأ ميالا إلى الترف واللهو شأن أولاد الملوك وكان يتهتك في غزله ويفحش في سرد قصصه الغرامية وهو يعتبر من أوائل الشعراء الذين ادخلوا الشعر إلى مخادع النساء . كان كثير التسكع مع صعاليك العرب ومعاقرا للخمر. (520 سلك امرؤ القيس في الشعر مسلكاً خالف فيه تقاليد البيئة، فاتخد لنفسه سيرة لاهية تأنفها الملوك كما يذكر ابن الكلبي حيث قال: كان يسير في أحياء العرب ومعه أخلاط من شذاذ العرب من طيء وكلب وبكر بن وائل فإذا صادف غديراً أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح وشرب الخمر وسقاهم وتغنيه قيانة، لايزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير وينتقل عنه إلى غيره. التزم نمط حياة لم يرق لوالده فقام بطرده ورده إلى حضرموت بين أعمامه وبني قومه أملا في تغييره. لكن حندج استمر في ما كان عليه من مجون وأدام مرافقة صعاليك العرب وألف نمط حياتهم من تسكع بين أحياء العرب والصيد والهجوم على القبائل الأخرى وسلب متاعها.
وقال ابن قتيبة: هو من أهل كندة من الطبقة الاُولى. كان يعدّ من عشّاق العرب، ومن أشهر من أحب هي فاطمة بنت العبيد التي قال فيها في معلّقته الشهيرة[3] :
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ... فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وأنك قسمت الفؤاد فنصفه... قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي... بسهميك في أعشار قلب مقتل
وبيضة خدرٍ لا يرام خباؤها... تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً... علي حراصاً لو يسرون مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت... تعرض أثناء الوشاح المفضل
فجئت، وقد نضت لنوم ثيابها... لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فقالت يمين الله، ما لك حيلةٌ... وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
خرجت بها أمشي تجر وراءنا... على أثرينا ذيل مرطٍ مرحل
ديانته
كان دين امرئ القيس الوثنية وكان غير مخلص لها. فقد روي أنه لما خرج للأخذ بثأر أبيه مر بصنم للعرب تعظمه يقال له ذو خلصة. فاستقسم بقداحه وهي ثلاثة: الآمر والناهي والمتربص. فأجالها فخرج الناهي. فعل ذلك ثلاثاً فجمعها وهذه الكلمة لا تكتب في منتدانا رها. وضرب بها وجه الصنم. وقال: "لو كان أبوك قتل ما عقتني".
موت والده
كان لموت والده حجر على يد بني أسد أعظم الأثر على حياته ونقلة أشعرته بعظم المسؤولية الواقعة على عاتقه. رغم أنه لم يكن أكبر أبناء أبيه, إلا أنه هو من أخذ بزمام الأمور وعزم الانتقام من قتلة أبيه لإنه الوحيد الذي لم يبك ويجزع من إخوته فور وصول الخبر إليهم. يروى أنه قال بعد فراغه من اللهو ليلة مقتل أباه على يد بني أسد: ضيعني صغيرا, وحملني دمه كبيرا. لا صحو اليوم ولا سكر غدا. اليوم خمر وغدا أمر أنشد شعرا وهو في دمون (واد في شرق اليمن) قال فيه.
تطاول الليل علينا دمون *** دمون إنا معشر يمانون
وإنا لأهلنا محبون
فلبس رداء الحرب في اليوم التالي وإتجه صوب بني أسد فخافوا منه وحاولوا استرضاءه إلا أنه لم يرض وقاتلهم حتى حتى أثخن فيهم الجراح وفاحت رائحة الجثث. وذكر الكلبي: أن امرأ القيس أقبل براياته يريد قتال بني أسد حين قتلوا أباه، فمر على تبالة وبها ذو الخلصة (صنم من أصنام العرب) وكانت العرب تستقسم عنده، فاستقسم فخرج القدح الناهي، ثم الثانية، ثم الثالثة كذلك، فهذه الكلمة لا تكتب في منتدانا ر القداح وضرب بها وجه ذي الخلصة وقال: عضضت بأير أبيك لو كان أبوك المقتول لما عوقتني. ثم أغار على بني أسد فقتلهم قتلا ذريعا. ويروي اليعقوبي أن إمرأ القيس قصد بني أسد في أول الأمر ولكنه أوقع بــقوم من بني كنانة فصاح قائلا: " ياللثارات" مزهوا بما ظنه ثأرا من قتلة أبيه. فأجابه القوم: " والله ما نحن إلا من كنانة ". فأنشد قائلا :
ألا يا لهف نفسي، بعد قوم***هم كانوا الشفاء، فلم يصابوا
وقاهم جدهم ببني أبيهم *** وبالأشقين ما كان العقاب
وأفلتهن علباء جريضاً *** ولو أدركنه صفر الوطاب
وحينها أنشد قاتل أبيه عبيد بن الأبرص الأسدي قائلا :
يا ذا المعيرنا بقتل*** أبيه إذلالاً وحينا
أزعمت أنك قد قتلت*** سراتنا كذباً ومينا
هلا على حجر بن أم*** قطام تبكي لا علينا
إنا إذا عض الثقاف*** برأس صعدتنا لوينا
نحمي حقيقتنا، وبعض*** القوم يسقط بين بينا
وفي هذا يقول أيضاً في قصيدة له طويلة :
يا أيها السائل عن مجدنا *** إنك مستغبى بنا جاهل
إن كنت لم تأتك أنباؤنا *** فاسأل بنا يا أيها السائل
سائل بنا حجراً، غداة الوغى *** يوم يؤتى جمعه الحافل
يوم لقوا سعداً على مأقط *** وحاولت من خلفه كاهل
فأوردوا سرباً له ذبلاً *** كأنهن اللهب الشاعل
وإتجه إمرؤ القيس إلى اليمن وأقام بها زمانا يطلب مددا من قومه. فجمع جمعا من حمير ومذحج أمده بهم الملك ذي جذن الحميري. فأتجه صوب بني أسد بذلك الجمع وانتقم من قاتل أبيه وذبح عمرو بن الأشقر سيد بني أسد. حينها أنشد الشاعر قائلا مزهوا بنصره :
قولا لدودان نجد عبيد العصا *** ما غركم بالأسد الباسل
قد قرت العينان من مالك *** ومن بني عمرو ومن كاهل
ومن بني غنم بن دودان إذ *** نقذف أعلاهم على السافل
نطعنهم سلكى ومخلوجة *** لفتك لأمين على نابل
إذ هن أقساط كرجل الدبى *** أو كقطا كاظمة الناهل
حتى تركناهم لدى معرك *** أرجلهم كالخشب الشائل
حلت لي الخمر وكنت أمرأ *** عن شربها في شغل شاغل
فاليوم أسقى غير مستحقب *** إثما من الله ولا واغل
نهاية حياته
لم تكن حياة امرؤ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة وطويلة جدا بمقياس تراكم الإحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد طوف في معظم إرجاء ديار العرب وزار كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر واستنصر وحارب وثأر بعد حياة ملأتها في البداية باللهو والشراب ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء كالجدري أو هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة لا يكاد يجمع على تحديدها المؤرخون وان كان بعضهم يعتقد أنها سنه 540م، وقبره يقع الآن في تلة هيديرليك بأنقرة[4].
لقد ترك خلفه سجلا حافلا من ذكريات الشباب وسجلا حافلا من بطولات الفرسان وترك مع هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عددا من القصائد والمقطوعات التي جسدت في تاريخ شبابه ونضاله وكفاحه. وعلى الرغم من صغر ديوان شعره الذي يضم الآن ما يقارب مئة قصيدة ومقطوعة إلا أنه جاء شاعراً متميزاً فتح أبواب الشعر وجلا المعاني الجديدة ونوع الإغراض واعتبره القدماء مثالا يقاس عليه ويحتكم في التفوق أو التخلف إليه.
ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقداً ودراسة وتقليداً كما نال إعجاب المحدثين من العرب والمستشرقين، فأقبلوا على طباعته منذ القرن الماضي، القرن التاسع عشر في سورية ومصر وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة.
امرؤ القيس من ناحية تاريخية
مثله مثل باقي شعراء مايُعرف بالعصر الجاهلي، فالدلائل المادية عن وجوده التاريخي تكاد تكون معدومة لإن الثقافة التي حافظت على هذا الإرث كانت ثقافة شفهية وأول جهود تدوين الشعر الجاهلي بدأت في القرن الثاني والثالث بعد الإسلام[5] أقدم الإخباريين العرب الذين أشاروا لإمرؤ القيس كان ابن السائب الكلبي وهناك أربع روايات شفهية تم تدوينها عن حياته وقد أشار مؤلف كتاب الأغاني إلى ذلك[6] الغالب ان امرؤ القيس كان شخصية حقيقية لإن لمحات من روايات الإخباريين موجودة في الكتابات البيزنطية الكلاسيكية، فجده الحارث بن عمرو الكندي مذكور ووجوده مؤكد في كتابات البيرنطيين. يذكر البيزنطيين شخصا قريبا للحارث بن عمرو اسمه كايسوس كان ملكا على قبيلة كندة ومعد [7] ولكن التاريخ الحقيقي لهذا الشاعر غارق في الأسطورة [8] ومن أبر آثاره أنه نقل الشعر العربي لمستوى جديد [9] وتخليده لقبيلته في الذاكرة العربية [10] ولا زال يعتبر من أعظم الشعراء العرب الجاهليين [1]
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 14:41
3-عنترة بن شداد
عنترة بن شداد بن قراد العبسي (525 م - 608 م) هو أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام، اشتهر بشعر الفروسية، وله معلقة مشهورة. وهو أشهر فرسان العرب وأشعرهم وشاعر المعلقات والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة.
اسمه
اشتقاق اسم عنترة من ضرب الذباب يقال له العنتر وإن كانت النون فيه زائدة فهو من العَتْرِ والعَتْرُ الذبح والعنترة أيضاً هو السلوك في الشدائد والشجاعة في الحرب. وإن كان الأقدمون لا يعرفون بأيهما كان يدعى: بعنتر أم بعنترة فقد اختلفوا أيضاً في كونه اسماً له أو لقباً. كان عنترة يلقب بالفلحاء ـ من الفلح ـ أي شق في شفته السفلى وكان يكنى بأبي الفوارس لفروسيتة ويكنى بأبي المعايش وأبي أوفى وأبي المغلس لجرأته في الغلس أو لسواده الذي هو كالغلس، وقد ورث ذاك السواد من أمه هذه الكلمة لاتكتب في منتدانايبة، إذ كانت أمه حبشية وبسبب هذا السواد الكثيف عده القدماء من أغرب العرب.
درج بعض الرواه على تسمية عنترة باسم عنتر أحياناً، ولربما استناداً إلى ماسمعوه من قوله:
يدعُونَ عنترُ والرّماحُ كأنّها --- أشطانُ بئر في لبَان الأدهمِ
وقوله في موضع ثان:
ولقَد شفَى نفسِي وأبرَأ سُقمها --- قيل الفَوارس ويْك عنتر أقدمِ
وقد شرح الخطيب التبريزي البيت الأول بقوله: "ويروى عنتر-أي بالضم- فمن رواه بفتح الراء فإنه رخّم عنترة وترك ماقبل المحذوف على حاله مفتوحاً، ومن روى عنتر وضمّ الراء احتمل الوجهين: أحدهما أن يكون قد جعل مابقي اسماً على حاله إلّا أنه قد صار طرفاً كحرف الأعراب، والثاني مارواه المبرّد عن بعضهم أنه كان يسمى "عنتراً"، فعلى هذا الوجه لا يجوز إلا الضمّ، هكذا ذكره النحاس، ويجوز أن يكون عنتر على هذا الوجه منصوباً بـ"يدعون" ". ويذكر شارح القاموس أنه "قد يكون اسمه عنتراً كما ذهب إليه سيبويه". على أن المتواتر في الكتب المعتمدة وماعليه الكثيرون هو أن اسمه "عنترة" لا "عنتر" والعنترة السلوك في الشدائد والشجاعة في الحرب، وهذا أقرب إلى مسمى فارس بني عبس.[1]
مولده ونشأته
ولد عنترة في الربع الأول من القرن السادس الميلادي [2] في ما يسمى الآن بلدة قصيباء بمنطقة القصيم، وبالاستناد إلى أخباره، واشتراكه في حرب داحس والغبراء فقد حدّد ميلاده في سنة 525م. يعزّز هذه الأرقام تواتر الأخبار المتعلّقة بمعاصرته لكل من عمرو بن معدي كرب والحطيئة وكلاهما أدرك الإسلام[3].
أمه كانت أميرة حبشية يقال لها هذه الكلمة لاتكتب في منتدانايبةررغر،أُسرت فى هجمة على قافلتها و أعجب بها شداد فأنجب منها عنترة، وكان لعنترة اخوة من أمه عبيد هم جرير وشيبوب. وكان هو عبداً أيضاً لأن العرب كانت لا تعترف ببني الإماء إلا إذا امتازوا على أكفائهم ببطولة أو شاعرية أو سوى ذلك[4].
نسبه
- هو: عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة وقيل عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر.[5]
صفته
وُلد عنتر لأب ساميّ عربيّ أصيل، ولأمّ حاميّة حبشيّة كريمة، فجاء مختلفاً عن بقية أقرانه في ضخامة خلقته وعبوس وجهه وتلفلف شعره وكبر شدقيه وصلابة عظامه وشدة منكبيه،وطول قامته، وشبه خلقته لأبيه شداد.[6]
حياته في العبودية
ذاق عنترة مرارة الحرمان وشظف العيش ومهانة الدار لأن أباه لم يستلحقه بنسبه، فقد كان أبوه هو سيده، يعاقبه أشد العقاب على مايقترفه من هنات، وكانت سمية زوجة أبيه تدس له عند أبيه وتحوك له المكائد، ومن ذلك أنها حرشت عليه أباه مرة، وقالت له: "إن عنترة يراودني عن نفسي". فغضب أبوه غضباً شديداً وعصفت برأسه حميته، فضربه ضرباً مبرحاً بالعصا وأتبعها بالسيف، ولكن سمية أدركتها الرحمة في النهاية فارتمت عليه باكية تمنعه ضربات أبيه، فرقّ أبوه وكفّ عنه. فاعتبر عنترة بشعر يقول فيه[7]:
أمِــن سميـة دمع العين تذريـفُ | لو أن ذا منك قبل اليوم معروف |
كأنها يــوم صــدّت مــاتكلمني | ظبي بعسفان ساجي الطرف مطـروف |
تجلّلتني إذ أهــوى العصا قِبلي | كأنهـا صنــم يُعتــاد معكــوف |
المــال مـالكم والعبد عبـدكم | فهــل عذابك عني اليـوم مصروف |
تنسى بلائي إذا مـاغـارة لقحـت | تخرمنها الطـــوالات السـراعيف |
يخرجن منها وقد بلّت رحــائلها | بالماء يركضها المُرد الغطاريف |
قد أطعنُ الطعنة النجلاء عن عرضٍ | تصفر كــف أخيها وهــو منـزوف |
لا شك للمـرء أن الـدهر ذو خلف | فيه تفــرّق ذو إلــف ومــألوف |
استلحاقه بنسب أبيه
ذلك أن قبيلة طيء أغارت على عبس في ثأر لها، إذ سبق لقبيلة عبس أن غزتها واستاقت إبلها، وكان عنترة مع بني قومه في حومة النزال، ولكنه اشترك مدافعاً لا مهاجماً، وسبب ذلك ما روي أنه شارك من قبل في غزو طيء، ولكنهم بخسوه حقه في الغنائم، إذ فرضوا له نصيب العبد منها وهو النصف فأبى، ومن ثم تقاعس عن الخوض في المعركة. واشتد الخطب على بني عبس حتى كادت أن تُسلب خيراتها وتدور عليها الدوائر، وحينئذ صاح بعنترة أبوه قائلاً: "كُرّ ياعنترة!"، فأجاب عنترة على النداء: "العبد لا يُحسن الكرّ, إنما يُحسن الحِلاب والصرّ". وفي تلك اللحظة لم يجد أبوه بدلاً من أن يمنحه اعتباره فصاح به: "كُرّ وأنت حر". فكرّ عنترة وراح يهاجم وهو ينشد:
أنا الهجين عنترة | كل امرئ يحمي حرَه |
أســودَه وأحمــرَه | والشعرات المشعره |
الواردات مـــشفــــره |
وكان النصر لبني عبس فاحتفلت القبيلة بعنترة وكرمته[2].
عنترة وعبلة
أحبّ عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك أعظم الحب وأشده، وكانت من أجمل نساء قومها وأبعدهم صيتاً في اكتمال العقل ونضرة الصبا, ويقال إنه كان من أقسى مايعيق هذا الحب صلف أبيها مالك وأنفة أخيها عمرو.
تقدم عنترة إلى عمه مالك يخطب ابنته عبلة، ولكنه رفض أن يزوج ابنته من رجل أسود. ويقال: إنه طلب منه تعجيزاً له وسداً للسبل في وجهه ألف ناقة من نوق النعمان المعروفة بالعصافير مهراً لإبنته، ويقال: إن عنترة خرج في طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وإنه لقي في سبيلها أهوالاً جساماً، ووقع في الأسر، ثم تحقق حلمه في النهاية وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير الملك النعمان. ولكن عمه عاد يماطله ويكلفه من أمره شططاً، ثم فكر في أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة.
ثم تكون النهاية التي أغفلتها المصادر القديمة وتركت الباحثين عنها يختلفون حولها، فمنهم من يرى أن عنترة فاز بعبلة وتزوجها، ومنهم من يرى أنه لم يتزوجها، وإنما ظفر بها فارس آخر من فرسان العرب[8].
وقد سكتت المصادر العربية عن ذكر عبلة إلا في مجال تشبيب عنترة بها وحبه لها، فلم تنوّه عما إذا كان قد تزوج بها أم بقي حبه معلقاً. ذهب البعض إلى القول بأن عنترة لم يتزوج عبلة، بل تبتل في حبها، وأن أباها وأخاها منعاه زواجها، وأنها زوجت أحد أشراف قومها على رغم عنترة. وقد قاس أصحاب هذا الرأي قولهم هذا قياساً على عادة العرب من منعها بناتها أن يزففن إلى من يشبب بهن قبل الزواج. ويميل البعض إلى الرأي القائل أن عنترة تزوج عبلة لعوامل وأسباب، منها أنه قد استحلق بنسب أبيه فزالت عنه هجنة النسب وأصبح ابن عم لعبلة، ثم إنه كان من أشهر فرسان قبيلة بني عبس بل فرسان العرب، وقوته وفروسيته مما لا يغفله من حسابه من يريد زواج عبلة، إذ إنه سيتعرض لانتقام عنترة وثأره لكرامته[7].
وفاته
انتهت حياة عنترة بعد أن بلغ من العمر 90 عاماً تقريباً، فقد كانت حياته منحصرة بين سنتي 525 و615 ميلادية، وذكر الزركلي في الأعلام أن وفاته كانت في عام 600 ميلادية، وهو مايوازي العام الثاني والعشرين قبل الهجرة[7].
وذكر في نهاية عنترة روايات عدة، على أن الرواية المتداولة والمرجّحة هي رواية صاحب الأغاني بقوله أن عنترة أغار على بني نبهان من طيء فطرد لهم طريدة وهو شيخ كبير، فجعل يرتجز وهو يطردها ويقول: آثار ظُلمان بقاعٍ محربٍ.
قال: وكان زرّ (وقيل وزر) بن جابر النبهاني في فتوّة، فرماه وقال: خذها وأنا ابن سلمى، فقطع مطاه (أي ظهره)، فتحامل بالرمية حتى أتى أهله، فقال وهو مجروح:
وإنّ ابن سلمى عنده فاعلموا دمي | وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمي |
يحلّ بأكناف الشعاب وينتمي | مكان الثريّا ليس بالمتهضّم |
رماني ولم يدهش بأزرق لهذمٍ | عشيّة حلّوا بين نعفٍ ومخرمٍ |
قال ابن الكلبي: وكان الذي قتله يلقّب بالأسد الرهيص الطائي.[9]
عنترة بن شداد في السينما والتلفزيون
جُسِّدَت شخصية عنترة بن شداد العبسي في ثلاث أفلام سينمائية، الفيلم الأول قامَ ببطولته سراج منير وكوكا، والفيلمين الأخيرين كانا من بطولة فريد شوقي وكوكا، كما تمَّ إنتاج مسلسل تلفزيوني عن عنترة، من إخراج رامي حنا، بطولة الممثل السعودي فيصل العميري والممثلة السورية كندة حنا.
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 14:56
4- عمرو بن كلثوم :
عمرو بن كلثوم التغلبي، أبو الأسود (توفي 39 ق.هـ/584م)، وهو شاعر جاهلي مجيد من أصحاب المعلقات، من الطبقة الأولى، ولد في شمال الجزيرة العربية في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشام والعراق.
قال في ثمار القلوب: كان يقال: «فتكات الجاهلية ثلاث: فتكة البراض بعروة، وفتكة الحارث بن ظالم بخالد بن جعفر، وفتكة عمرو بن كلثوم بعمرو بن هند ملك المناذرة، فتك به وقتله في دار ملكه وانتهب رحله وخزائنه وانصرف بالتغالبة إلى خارج الحيرة ولم يصب أحد من أصحابه».
من شعره معلقته الشهيرة:
عمرو بن كلثوم التغلبي، أبو الأسود (توفي 39 ق.هـ/584م)، وهو شاعر جاهلي مجيد من أصحاب المعلقات، من الطبقة الأولى، ولد في شمال الجزيرة العربية في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشام والعراق.
عزته وفتكته
كان من أعز الناس نفساً، وهو من الفتاك الشجعان، ساد تغلب، وهو فتىً وعمّر طويلاً. هو قاتل الملك عمرو بن هند ملك المناذرة. وذلك أن أم عمرو بن هند ادعت يوماً أنها أشرف نساء العرب فهي بنت ملوك الحيرة وزوجة ملك وأم ملك فقالت إحدى جليساتها: "ليلى بنت المهلهل أشرف منك فعمها الملك كليب وأبوها الزير سالم المهلهل سادة العرب وزوجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وولدها عمرو بن كلثوم سيد قومه" فأجابتها: " لأجعلنها خادمةً لي". ثم طلبت من ابنها عمرو بن هند أن يدعو عمرو بن كلثوم وأمه لزيارتهم فكان ذلك. وأثناءالضيافة حاولت أم الملك أن تنفذ نذرها فأشارت إلى جفنة على الطاولة وقالت " يا ليلي ناوليني تلك الجفنه" فأجابتها: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها" فلما ألحت عليها صرخت: "وذلآاه" فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم وكان جالساً مع عمرو بن هند في حجرة مجاورة فقام إلى سيف معلق وقتله به ثم أمر رجاله خارج القصر فقاموا بنهبه.نسبه
- هو: عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، التغلبي. [1]
- أمه: هي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، التغلبي. [1]
معلقته
أشهر شعره معلقته التي مطلعها "ألا هبي بصحنك فأصبحينا"، يقال: إنها في نحو ألف بيت وإنما بقي منها ما حفظه الرواة، وفيها من الفخر والحماسة العجب . وقد اشتهر بأنه شاعر القصيدة الواحدة لأن كل ما روي عنه معلقته وأبيات لا تخرج عن موضوعها.قال في ثمار القلوب: كان يقال: «فتكات الجاهلية ثلاث: فتكة البراض بعروة، وفتكة الحارث بن ظالم بخالد بن جعفر، وفتكة عمرو بن كلثوم بعمرو بن هند ملك المناذرة، فتك به وقتله في دار ملكه وانتهب رحله وخزائنه وانصرف بالتغالبة إلى خارج الحيرة ولم يصب أحد من أصحابه».
من شعره معلقته الشهيرة:
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَا | وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَا |
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا | إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَا |
تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ | إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَا |
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ | عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَا |
صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْـرٍوٍ | وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَا |
وَمَا شَـرُّ الثَّـلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو | بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَا |
وَكَأْسٍ قَدْ شَـرِبْتُ بِبَعْلَبَـكٍّ | وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَا |
وَإِنَّا سَـوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَـايَا | مُقَـدَّرَةً لَنَـا وَمُقَـدِّرِيْنَا |
قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا | نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَا |
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً | لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَا |
بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً | أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَا |
وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ | وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَا |
تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَـلاَءٍ | وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَا |
ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ | هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَا |
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 15:00
5- طرفة بن العبد
نبذة :~ طرفة بن العبد شاعر جاهلي بحراني من شعراء المعلقات. وقيل اسمه طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد أبو عمرو لُقّب بطَرَفَة، وهو من بني قيس بن ثعلبة من بني بكر بن وائل، ولد حوالي سنة 543 من أبوين شريفين وكان له من نسبه العالي ما يحقق له هذه الشاعرية فجده وأبوه وعماه المرقشان وخاله المتلمس كلهم شعراء مات أبوه وهو بعد حدث فكفله أعمامه إلا أنهم أساؤوا تريبته وضيقوا عليه فهضموا حقوق أمه وما كاد طرفة يفتح عينيه على الحياة حتى قذف بذاته في أحضانها يستمتع بملذاتها فلها وسكر ولعب وبذر وأسرف فعاش طفولة مهملة لاهية طريدة راح يضرب في البلاد حتى بلغ أطراف جزيرة العرب ثم عاد إلى قومه يرعى إبل معبد أخيه ثم عاد إلى حياة اللهو بلغ في تجواله بلاط الحيرة فقربه عمرو بن هند فهجا الملك فأوقع الملك به مات مقتولاً وهو دون الثلاثين من عمره سنة 569.
== حياته == ولد طرفة في قرية المالكية وعاش يتيما من ابيه صغيرا فأبى اعمامه ان يقسموا له نصيبه من ارث ابيه وظلمو حقه فنشأ مع امه.. في بؤس
فعانى طرفة من اعمامه كثيراولم يجد دفعا لظلمهم عنه سوى الانغماس في اللهو الذي أسلمه للإهمال في رعاية ما تبقى للعائلة من إبل، مما أغضب شقيقه معبد منه...ولما قصد ابن عمه شاكيا نهره بقسوة فعاد لقبيلته مجددا، لكن ذلك لم يدم طويلا، فقد ضاقت القبيلة بتصرفاته اللاهيه فحكمت عليه بالابتعاد عنها، فصوّر ذلك في معلقته بصورة تهكمية، مستمدة من ملامح بيئته الصحراوية، حيث رأى نفسه وكأنه بعير مصاب بالجرب وينبغي إبعاده، بعد تعبيده بالقار علاجا له، عن بقية القطيع حتى لا تصاب بالعدوى، فكان الشاعرطرفه ذلك البعير المعبّد.. المفرد.
حينها بدأ تجوله في جزيرة العرب محتميا بهجائه المهذب, دفعا لغوائل المتربصين بنزقه الملكي، باحثا عن كنزه المفقود وحكمته المتناسلة من أرحام القوافي. وبين تضاعيف ذلك التطواف نظم تلك المعلقة التي ارتفعت به إلى الصف الأول من شعراء العربية على حداثة سنه وقلة إنتاجه. لكن شعره بما فيه المعلقة التي احتلت سدس ديوانه تقريبا، تميز بذلك الحس الإنساني الفريد من نوعه في جاهلية القصيدة العربية. وأضفت نظراته العميقة للموت والحياة وتصاريفهما فلسفة شعرية قلما انتبه إليها المتقدمون من الشعراء. بلغ طرفة في نهاية رحلة التيه مملكة الحيرة، فنادم مليكها عمرو بن هند، لكن لذة الشاعر الموزعة في مثلث المرأة والفروسية والخمر.. كخلاصة لمعنى الحياة أوغرت صدر الملك عليه. فربما هجا الشاعر الملك، أو تباهى عليه بفروسيته، أو شبب بشقيقته فغضب الملك من شاعر النزق الملكي وحكم عليه بالموت. لكنه خشي من مواجهة الشاعر السليط بذلك الحكم القاتل فكتب الملك إلى عامله بالبحرين ان يقتل طرفة فسجنه ثم قتله وهو في نحو السادسة والعشرين من عمره وقد كانت معلقته الذهبية الخالدة قد اكتملت فعلا
وقد اشترك طرفة في حرب البسوس التي وقعت في نجد بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائل وكان معاصرا لملك الحيرة عمرو بن هند وصديقا لاخيه عمرو بن أمامة. يقال ان عنتر بن شداد قتل طرفة بن العبد
موته
وجه طرفة إلى بلاط الحيرة حيث الملك عمرو بن هند، وكان فيه خاله المتلمّس (جرير بن عبد المسيح).
وكان طرفة في صباه معجباً بنفسه يتخلّج في مشيته. فمشى تلك المشية مرة بين يديّ الملك عمرو بن هند فنظر إليه نظرة كادت تبتلعه. وكان المتلمّس حاضراً، فلما قاما قال له المتلمّس: "يا طرفة إني أخاف عليك من نظرته إليك". فقال طرفة: "كلا"...
بعدها كتب عمرو بن هند لكل من طرفة والمتلمّس كتاباً إلى المكعبر عامله في البحرين وعمان، وإذ كانا في الطريق بأرض بالقرب من الحيرة، رأيا شيخاً دار بينهما وبينه حديث. ونبّه الشيخ المتلمّس إلى ما قد يكون في الرسالة. ولما لم يكن المتلمّس يعرف القراءة، فقد استدعى غلاماً من أهل الحيرة ليقرأ الرسالة له، فإذا فيها:
"باسمك اللهم.. من عمرو بن هند إلى المكعبر.. إذا أتاك كتابي هذا من المتلمّس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً".
فألقى المتلمّس الصحيفة في النهر، ثم قال لطرفة أن يطّلع على مضمون الرسالة التي يحملها هو أيضاً فلم يفعل، بل سار حتى قدم عامل البحرين ودفع إليه بها.
فلما وقف المكعبر على ما جاء في الرسالة أوعز إلى طرفة بالهرب لما كان بينه وبين الشاعر من نسب، فأبى. فحبسه الوالي وكتب إلى عمرو بن هند قائلاً : "ابعث إلى عملك من تريد فاني غير قاتله".
فبعث ملك الحيرة رجلاً من تغلب، وجيء بطرفة إليه فقال له: "إني قاتلك لا محالة.. فاختر لنفسك ميتة تهواها".
فقال: "إن كان ولا بدّأفصدني"...
من آثاره
ديوان شعر أشهر ما فيه المعلقة... نظمها الشاعر بعدما لقيه من ابن عمه من سوء المعاملة وما لقيه من ذوي قرباه من الاضطهاد
في المعلقة ثلاثة أقسام كبرى (1) القسم الغزلي من (1 ـ 10) ـ (2) القسم الوصفي (11 ـ 44) ـ (3) القسم الإخباري (45 ـ 99).
و سبب نظم المعلقة إذا كان نظمها قد تم دفعة واحدة فهو ما لقيه من ابن عمه من تقصير وإيذاء وبخل وأثرة والتواء عن المودة وربما نظمت القصيدة في أوقات متفرقة فوصف الناقة الطويل ينم على أنه وليد التشرد ووصف اللهو والعبث يرجح أنه نظم قبل التشرد وقد يكون عتاب الشاعر لابن عمه قد نظم بعد الخلاف بينه وبين أخيه معبد.
شهرة المعلقة وقيمتها
بعض النقاد فضلوا معلقة طرفة على جميع الشعر الجاهلي لما فيها من الشعر الإنساني ـ العواصف المتضاربة ـ الآراء في الحياة ـ والموت جمال الوصف ـ براعة التشبيه، وشرح لأحوال نفس شابة وقلب متوثب. ولعل انتمائه إلى منطقة من أكثر الأماكن تحضرا في الجزيرة العربية (إقليم البحرين)، جعل ذلك الشعر الإنساني أكثر بروزاً لديه مقارنة بغيره من شعراء الجاهلية.
في الخاتمة ـ يتجلى لنا طرفة شاعرا جليلاً من فئة الشبان الجاهليين ففي معلقته من الفوائد التاريخية الشيء الكثير كما صورت ناحية واسعة من أخلاق العرب الكريمة وتطلعنا على ما كان للعرب من صناعات وملاحة وأدوات.
نموذج لمعلقته
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ،
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم
يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً
خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
عدولية ٌ أو من سفين ابن يامنٍ
يجورُ بها المَّلاح طوراًويهتدي
يشقُّ حبابَ الماءِ حيزومها بها
كما قسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ
وفي الحيِّ أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خذولٌ تراعي ربرباً بخميلة ٍ
تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، و
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم
يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً
خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
عدولية ٌ أو من سفين ابن يامنٍ
يجورُ بها المَّلاح طوراًويهتدي
يشقُّ حبابَ الماءِ حيزومها بها
كما قسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ
وفي الحيِّ أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خذولٌ تراعي ربرباً بخميلة ٍ
تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، و
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 15:10
6- لبيد بن ربيعة العامري:
لَبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامِري عامر بن صعصعة من هوازن (توفي 41 هـ/661 م) أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية،عمه ملاعب الأسنة وأبوه ربيعة بن مالك والمكنى *بربيعة المقترن* لكرمه. من أهل عالية نجد، مدح بعض ملوك الغساسنة مثل: عمرو بن جبلة وجبلة بن الحارث. أدرك الإسلام، ووفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) مسلما، ولذا يعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً. وسكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً. وهو أحد أصحاب المعلقات.
في الجاهلية
وفد أبو براء ملاعب الأسنة -وهو عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب- وإخوته طفيل ومعاوية وعبيدة، ومعهم لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر، وهو غلام، على النعمان بن المنذر، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان الربيع ينادم النعمان مع رجل من أهل الشام تاجر، يقال له: سرجون بن نوفل، -وكان حريفاً للنعمان- يعني سرجون- يبايعه، وكان أديباً حسن الحديث والمنادمة، فاستخفه النعمان، وكان إذا أراد أن يخلو على شرابه بعث إليه وإلى النطاسي- متطبب كان له- وإلى الربيع بن زياد، وكان يدعى الكامل. فلما قدم الجعفريون كانوا يحضرون النعمان لحاجتهم، فإذا خلا الربيع بالنعمان طعن فيهم، وذكر معايبهم، ففعل ذلك بهم مراراً، وكانت بنو جعفر له أعداء، فصده عنهم، فدخلوا عليه يوماً فرؤوا منه تغيراً وجفاء، وقد كان يكرمهم قبل ذلك ويقرب مجلسهم، فخرجوا من عنده غضاباً، ولبيد في رحالهم يحفظ أمتعتهم، ويغدو بإبلهم كل صباح، فيرعاها، فإذا أمسى انصرف بإبلهم، فأتاهم ذات ليلة فألفاهم يتذاكرون أمر الربيع، وما يلقون منه؛ فسالهم فكتموه، فقال لهم: والله لا أحفظ لكم متاعاً، ولا أسرح لكم بعيراً أو تخبروني.وكانت أم لبيد امرأة من بني عبس، وكانت يتيمة في حجر الربيع، فقالوا: خالك قد غلبنا على الملك، وصد عنا وجهه، فقال لهم لبيد: هل تقدرون على أن تجمعوا بينه وبيني فأزجره عنكم بقول ممض، ثم لا يلتف النعمان إليه بعده أبداً. فقالوا: وهل عندك من ذلك شيء? قال: نعم، قالوا: فإنا نبلوك بشتم هذه البقلة - لبقلة قدامهم دقيقة القضبان قليلة الورق لاصقة فروعها بالأرض، تدعى التربة - فقال: هذه التربة التي لا تذكى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تسر جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كليل، وخيرها قليل، بلدها شاسع، ونبتها خاشع، وآكلها جائع، والمقيم عليها ضائع، أقصر البقول فرعاً، وأخبثها مرعى، وأشدها قلعاً، فتعساً لها وجدعاً، القوا بي أخا بني عبس، أرجعه عنكم بتعس ونهذه الكلمة لا تكتب في منتدانا ، وأتركه من أمره في لبس. فقالوا: نصبح فنرى فيك رأينا. فقال لهم عامر: انظروا غلامكم؛ فإن رأيتموه نائماً فليس أمره بشيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويهذي بما يهجس في خاطره، وإذا رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم. فرمقوه بأبصارهم، فوجدوه قد ركب رحلاً، فهو يكدم بأوسطه حتى أصبح.
فلما أصبحوا قالوا: أنت والله صاحبنا، فحلقوا رأسه، وتركوا ذؤابتين، وألبسوه حلة، ثم غدوا به معهم على النعمان، فوجدوه يتغذى ومعه الربيع وهما يأكلان، ليس معه غيره، والدار والمجالس مملوءة من الوفود. فلما فرغ من الغداء أذن للجعفريين فدخلوا عليه، وقد كان تقارب أمرهم، فذكروا للنعمان الذي قدموا له من حاجتهم، فاعترض الربيع في كلامهم، فقام لبيد يرتجز، ويقول:
يا رب هيجاً هي خير من دعه | أكل يوم هامتي مقزعه |
نحن بنو أم البنين الأربعه | ومن خيار عامر بن صعصعه |
المطعمون الجفنة المدعدعه | والضاربون الهام تحت الخيضعه |
يا واهب الخير الكثير من سعه | إليك جاوزنا بلاداً مسبعه |
يخبر عن هذا خيبر فاسمعه | مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه |
إن استه من برص ملمعه | وإنه يدخل فيها إصبعه |
يدخلها حتى يواري أشجعه | كأنما يطلب شيئاً ضيعه |
ثم أرسل إلى النعمان بأبيات شعر قالها، وهي:
لئن رحلت جمال لا إلى سعةٍ ... ما مثلها سعة عرضاً ولا طولا بحيث لو وردت لخم بأجمعها ... لم يعدلوا ريشةً من ريش سمويلا ترعى الروائم أحرار البقول بها ... لا مثل رعيكم ملحاً وغسويلا فاثبت بأرضك بعدي واخل متكئاً ... مع النطاسي طوراً وابن توفيلا فأجابه النعمان بقوله: شرد برحلك عني حيث شئت ولا ... تكثر علي ودع عنك الأباطيلا فقد ذكرتَ بشيءٍ لستُ ناسيه ... ما جاورت مصرُ أهل الشام والنيلا فما انتفاؤك منه بعد ما جزعت ... هوج المطي به نحو ابن سمويلا قد قيل ذلك إن صدقاً وإن كذباً ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا فالحق بحيث رأيت الأرض واسعةً ..فانشر بها الطرف إن عرضاً وإن طولا
في الأسلام
استقر لبيد في الكوفة بعد إسلامه حيث وافته المنية قرابة بداية عهد معاوية (660 ميلادية) في سن 157 سنة كما يذكر ابن قتيبة أو 145 كما ورد في الأغاني، تسعون منها في الجاهلية وما تبقى في الإسلام. أرسل حاكم الكوفة يوماً في طلب لبيد وسأله أن يلقي بعضاً من شعره فقرأ لبيد (سورة البقرة) وقال عندما انتهى " منحني الله هذا عوض شعري بعد أن أصبحت مسلماً." عندما سمع الخليفة عمر بذلك أضاف مبلغ 500 درهم إلى 2000 درهم التي كان يتقاضها لبيد. حين أصبح معاوية خليفة اقترح تخفيض راتب الشاعر، ذكره لبيد أنه لن يعيش طويلاً. تأثر معاوية ودفع مخصصه كاملاً، لكن لبيد توفي قبل أن يصل المبلغ الكوفة. كانت أم المؤمين عائشه رضي الله عنها تحفظ ما يزيد عن 1000 بيت من شعر لبيدرضي الله عنه.من شعره
أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ | وقد جرّبتْ لوْ تقتدي بالمجربِ |
وكائنْ رأيتُ مِنْ ملوكٍ وسوقة ٍ | وَصاحَبْتُ مِن وَفدٍ كرامٍ ومَوكِبِ |
وسانَيْتُ مِن ذي بَهْجَة ٍ ورَقَيْتُهُ | عليهِ السّموطُ عابسٍ متغضّبِ |
وفارَقْتُهُ والوُدُّ بَيني وبَينَهُ | بحسنِ الثناءِ منْ وراءِ المغيّبِ |
وَأبّنْتُ مِنْ فَقْدِ ابنِ عَمٍّ وخُلَّة ٍ | وفارَقتُ من عَمٍّ كريمٍ ومن أبِ |
فبانُوا ولمْ يحدثْ عليَّ سبيلهُمْ | سوَى أمَلي فيما أمامي ومرغبي |
فَأيَّ أوَانٍ لا تَجِئْني مَنِيَّتي | بقَصْدٍ مِنَ المَعْرُوفِ لا أتَعَجَّبِ |
فلستُ بركنٍ منْ أَبانٍ وصاحة ٍ | وَلا الخالداتِ مِنْ سُوَاجٍ وغُرَّبِ |
قضيتُ لباناتٍ وسليتُ حاجة ً | ونفسُ الفتى رهنٌ بقمرة ِ مؤربِ |
وفيتانِ صدقٍ قد غَدوتُ عليهمُ | بِلا دَخِنٍ وَلا رَجيعٍ مُجَنَّبِ |
بمجتزفٍ جونٍ كأَنَّ خفاءَهُ | قَرَا حَبَشِيٍّ في السَّرَوْمَطِ مُحْقَبِ |
معلقته
كان لبيد إذا قال شعراً قال لنفسه:لا تظهره، ولكن عندما قال:ِعَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا | بِمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَـا |
قالها لبيد للشاعر النابغة الذبياني عندما رأى عليه علامات الشاعريه فقال له:"يا غلام إن عيهذه الكلمة لا تكتب في منتدانالعينا شاعر أنشدني" فانشده أثنتين فقال له:زدني فأنشده المعلقة فقال له النابغة:أذهب فأنت أشعر العرب، وفي رواية أشعر هوازن. وعلى ذلك لبيد نظم معلقته وأساسها الطلول ومنتصفها وصف الخمرة والمحبوبه وأخرها كان على الكرم والفخر،,هي:
ِعَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا | بِمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَـا |
فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَـا | خَلَقَاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُهَا |
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا | حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وَحَرَامُهَا |
رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا | وَدْقُ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَا |
مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ | وَعَشِيَّةٍ مُتَجَـاوِبٍ إِرْزَامُهَا |
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ | بِالجَلْهَتَيْـنِ ظِبَاؤُهَا وَنَعَامُهَـا |
وَالعِيْـنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَا | عُوذَاً تَأَجَّلُ بِالفَضَـاءِ بِهَامُهَا |
وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا | زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أَقْلامُـهَا |
أَوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُهَا | كِفَفَاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا |
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيْفَ سُؤَالُنَا | صُمَّاً خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَا |
عَرِيَتْ وَكَانَ بِهَا الجَمِيْعُ فَأَبْكَرُوا | مِنْهَا وَغُودِرَ نُؤْيُهَا وَثُمَامُهَا |
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حِينَ تَحَمَّلُوا | فَتَكَنَّسُوا قُطُنَاً تَصِرُّ خِيَامُهَا |
مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ | زَوْجٌ عَلَيْـهِ كِلَّـةٌ وَقِرَامُـهَا |
زُجَلاً كَأَنَّ نِعَاجَ تُوْضِحَ فَوْقَهَا | وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفَـاً أرْآمُهَا |
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا | أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَا |
بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارَ وقَدْ نَأَتْ | وتَقَطَّعَتْ أَسْبَابُهَا وَرِمَامُـهَا |
مُرِّيَةٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَـاوَرَتْ | أَهْلَ الحِجَازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا |
بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّرٍ | فَتَضَمَّنَتْهَا فَـرْدَةٌ فَرُخَامُـهَا |
فَصُوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَتْ فَمَظِنَّـةٌ | فِيْهَا وِحَافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخَامُهَا |
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ | وَلَشَرُّ وَاصِلِ خُلَّـةٍ صَرَّامُهَا |
وَاحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ وَصَرْمُهُ | بَاقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَا |
بِطَلِيحِ أَسْفَـارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّـةً | مِنْهَا فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وسَنَامُهَا |
فَإِذَا تَغَالَى لَحْمُهَا وَتَحَسَّرَتْ | وَتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا |
فَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَا | صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا |
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاَحَهُ | طَرْدُ الفُحُولِ وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا |
يَعْلُو بِهَا حَدَبَ الإِكَامِ مُسَحَّجٌ | قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُـهَا |
بِأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَـهَا | قَفْرَ المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا |
حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً | جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا |
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلىَ ذِي مِرَّةٍ | حَصِدٍ وَنُجْحُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامـُهَا |
وَرَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ | رِيْحُ المَصَايِفِ سَوْمُهَا وَسِهَامُهَا |
فَتَنَازَعَا سَبِطَاً يَطِيْرُ ظِلالُـهُ | كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا |
مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابتِ عَرْفَجٍ | كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُـهَا |
فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادَةً | مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُـهَا |
رد: شعراء المعلقات
2014-10-15, 15:14
7- الحارث بن حلزة اليشكري :
الحارث بن حلزة واسمه الحارث بن ظليم بن حلزّة اليشكري، من عظماء قبيلة بكر بن وائل، كان شديد الفخر بقومه حتى ضرب به المثل فقيل «أفخر من الحارث بن حلزة»، ولم يبق لنا من أخباره إلا ما كان من أمر الاحتكام إلى عمرو بن هند (في 554 - 569 م) لأجل حل الخلاف الذي وقع بين قبيلتي بكر وتغلب. توفي سنة 580 م، أي في أواخر القرن السادس الميلادي على وجه التقريب.
معلقته
أنشد الشاعر معلقته للملك عمرو بن هند رداً على عمرو بن كلثوم. وقيل أنه قد أعدّها وروّاها جماعة من قومه لينشدوها نيابة عنه لأنه كان برصا وكره أن ينشدها من وراء سبعة ستور ثم يغسل أثره بالماء، كما كان يفعل بسائر البرص ثم عدل عن رأيه وقام بإنشادها بين يدي الملك وبنفس الشروط السابقة. لما سمعها الملك وقد وقعت في نفسه موقعاً حسناً أمر برفع الستور وأدناه منه وأطمعه في جفنته ومنع أن يغسل أثره بالماء.
كان الباعث الأساسي لإنشاد المعلقة دفاع الشاعر عن قومه وتفنيد أقوال خصمه عمرو بن كلثوم. تقع المعلقة في خمس وثمانين بيتاً، نظمت بين عامي 554 و569 م. شرحها الزوزني وطبعت في إهذه الكلمة لا تكتب في منتدانا فورد عام 1820 م ثم في بونا سنة 1827 م. ترجمت إلى اللاتينية والفرنسية.
وهي قصيدة همزية على البحر الخفيف وتقسم إلى:
- مقدمة: فيها وقوف بالديار وبكاء على الأحبة ووصف للناقة (الأبيات 1 - 14)
- المضمون: تكذيب أقوال التغلبيين من (الأبيات 15 - 20) وعدم اكتراث الشاعر وقومه بالوشايات (الأبيات 21 - 31) ومفاخر البكريين (الأبيات 32 - 39) ومخازي التغلبيين ونقضهم للسلم (الأبيات 40 - 55) واستمالة الملك وذكر العداوة (الأبيات 59 - 64) ومدح الملك (الأبيات 65 - 68) وخدم البكريين للملك (الأبيات 69 - 83) القرابة بينهم وبين الملك (الأبيات 84 - 85).
وتعتبر هذه المعلقة نموذجا للفن الرفيع في الخطابة والشعر الملحمي وفيها قيمة أدبية وتاريخية كبيرة تتجلى فيها قوة الفكر عند الشاعر ونفاذ الحجة كما أنها تحوي القصص وألوانا من التشبيه الحسّي كتصوير الأصوات والاستعداد للحرب وفيها من الرزانة ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي والخطابي في ذلك العصر.
وهذا مطلع المعلقة:
آذَنَتْنا ببَيْنهِا أَسْمَــاءُ | ربَّ ثَـاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ اُلْثَّوَاءُ |
بَعْدَ عَهْدٍ لَنَـا بِبُرْقَةِ شَمّــاءَ | فَأَدْنَى دِيَــارِهَا اٌلْخَلْصاءُ |
فَالُمحَيَّاةُ فالصِّفـاحُ فَأَعْنـاقُ | فِتَـاقٍ فَعادِبٌ فَالْوَفَاءُ |
فَرِيــاضُ اُلْقَطَا فأوْدِيَةُ الشُّرْ | بُبِ فالشُّعْبَتَـانِ فالأَبْــلاءُ |
لا أرى مَنْ عَهِدْتُ فيهَـا فأبكي | اٌلْيَوْمَ دَلْهاً وَمَا يُحِيرُ اُلْبُكَاء |
وَبِعَيْنَيْكَ أَوْقَدَتْ هِنْدٌ اُلْنَّــارَ | أَخِيراً تُلْوِي بِها اُلْعَلْيَـاءُ |
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى